أرواح منسية....

أرواح منسية

تنهض باكرا تمشي كــ آله بلا روح تحضر طعام الإفطار وتوقظ أبنائها محمد وجاسم وأيه وبسمه ليستعدوا للذهاب إلى المدرسة بين تمشيط شعر الفتيات وتهذيب قمصان الفتيان تضيع دقائقها مسرعه فتطعمهم بسرعة وتنسى الصغير دائما تنظر بأسى عند خروجها من الباب إلى الرزنامه وتعد انه الشهر الثالث منذ سافر زوجها أو بالأحرى منذ هرب من أرضه ليؤمن مستقبله ومستقبل أبنائه بأرض غريبة بعيده لا يعلم عنها شيء فقط يعلم إنها تمنحه مالم تمنحه له أرضه لم يعد يحتمل مزيدا من الذل والقهر ولم يريد حتى مجرد التفكير بان أبنائه سيواجهون ذات المصير فحين كان شاب يافع أكمل دراسته بتفوق ودخل كليه الهندسة ولأن حياته مشت به في أمان لا يتوقعه ارتبط برفيقه دربه وأنجب أبنائه خلال دراسته وبمساعده والديه ولكن حدث مالم يكن في الحسبان حدث زلزال اهتزت به حياته وتناثر حطام مستقبله أشلاء يرثيها كل يوم حين تعرض وطنه إلى غزو وحشي أفاق من صدمته ليصدم بصدمه أخرى بغزو يغزو روحه وكم انتحب وحيدا حين يذكر أخيه الشهيد الذي قضى في هذا الغزو الذي ما ان انقضى حتى أدرك جيدا بأنه أصبح وحيد يتيم في وطنه كثيرا مايساله أبنائه لماذا لم يكمل دراسته لماذا لا يعمل مهندس كما سبق وان اخبرهم وهم أطفال صغار بأن أباهم مهندس! تبعثرت أحلامه وطموحاته على واقع لم يكن له فيه أي ذنب..

تصحو من ذكراها وعدها لأيام وصوله على صوت صراخ أبنائها فهي ككل يوم كادت إن تدخل بالسيارة التي أمامها اعتذرت للرعب الذي سببته لهم وككل يوم لا تجد في عيونهم إلا الحزن والأسى وسؤال متى يعود بابا

تدور أيام هند برتابة شديدة مابين دراسة أبنائها وعملها الكئيب و تعتصرها الألأم فهي لا تعلم مصير زوجها وماذا سيحدث له ولا تستطيع تلبيه طلبات الأبناء التي لا تنتهي

تحادث عبدالله كل ماسنحت لها فرصة وتلومه وتبكي وهو يصبرها فلم يبقى إلا القليل

أي قليل وهي تنزف أجمل أيامها كل يوم لقد باتت تكره عبدا لله تشعر بأنه حطم أنوثتها فهي أمراه لاهثة ليل نهار لتامين حياه أبنائها بلا رجل يعينها المسؤوليات تتكاثر وتتعاظم مع مرور الأيام وعبدالله يجلسهناك يبعد عنها أميالا كثيرة ليحصي كم يوم مر عليه فلقد وعدته ارض الأحلام بقبول طلبه بعد مضي 6 شهور وبعدها سيتمكن من طلب زوجته وأبنائه تهنئه وهي مرغمه هذا يعني سنه كاملة تمضيها وهي تحصي الأيام والساعات فقط أي عذاب اكبر!!

بسمه صغيرتها في المرحلة الابتدائية تجلس صامته وحيده ويقلقها صمت وسكوت ابنتها بعد إن كان شعله من النشاط الطفولي المحبب ولكنها تعلم انه الشوق لأبيها فتصمت هي الأخرى ليس باليد حيله فقدرهم هو الانتظار وقد يمر العمر ولا يصل قطار الرحمة ولا يوجد متنفس لتهوين الألم,,
حين تمت الموافقة على طلب قبول عبدالله وأسرته عمت الفرحة قلب هند وأبنائها فهم أخيرا سينضمون إلى أباهم وسيصبح لهم وطن ستصبح لهم ورقه تثبت إنسانيتهم وسيتمكن محمد من دخول الجامعة وتحقيق حلم أبيه سيصبح مهندس و ستتمكن أيه من دخول كليه الطب وتعالج الأطفال المعاقين مثل ماجد ابن جيرانهم الذي تشاهده كل يوم وهو يلهو بالشارع ولا يستطيع الذهاب إلى مدرسه خاصة بهذه الفئة فوالده لا يملك المصاريف هو بالكاد قادر على إطعامه وإخوته ستدرس الطب وتتفوق لأجل ماجد فلقد اقسمت له ذات صباح حين رأته جالسا عند باب بيتهم يراقب خروج الأطفال إلى المدرسة بأنها ستدرس الطب وستتفوق لأجله وابتسم لها, وجاسم سيصبح عالم هكذا يحلم سيجري الأبحاث وسيجد أدويه تعالج السرطان فهو لن ينسى ملامح الطفلة وجدان ابنه عمه حيث أصيبت بهذا المرض باكرا ولم يجد الأطباء لها علاج إلا بالولايات المتحدةالامريكية ولكن كيف؟؟ فهي لا تملك جواز سفر ووالدها حاول كثيرا واستخرج جواز بعد 6 شهور ولصعوبة حصول هذا الجواز الغريب على فيزا تأخرت الفيزا كثيرا وحين وصلت ..وصلت بعد موت وجدان بيومين .
الكل كان يطير سعادة وفرح إلا بسمه فهي حزينة لا تريد مفارقه وطنها وأبناء جيرانها وصديقات طفولتها ولكن رأيت والدها كانت تبعث السرور الى نفسها وتسلي قلبها البريء,

حين وصل موعد سفرهم اعتلت الجميع موجه حزن وبكاء فهم لايريدون مفارقه الأهل والأصدقاء والجيران لايريدون العيش بدوله غير وطنهم تساءل الأبناء بأسى أمي لماذا لا نستطيع تحقيق مانريد ونحن في وطننا؟؟ عجز اللسان وتاهت الاجوبه توارت من سؤالهم وقالت هكذا قدرنا
بسمه الصغيرة لاتريد أي شيء فقط تريد ان تبقى في وطنها ولكن الأم تحضنها وتتجه إلى الطائرة يما وطنا مايبينا وإحنا قدرنا نعيش بغير وطنا وتلقي نظره وداع لارض الوطن يغلفها انكسار وجرح في القلب لا يبرى ابدا

--------------